تأسست مدارس الفلاح على يد الحاج محمد علي زينل (1323/1905) رائدة في جمعها بين تعلم "علوم الدين وتعلم العلوم الحديثة". وعلَّمت طلابها "أن العلوم الدينية نظام للحياة والمجتمعات، والعلوم الأخرى مقومات لبناء المجتمع الصالح الراقي المتمدن"، مع إعلاءٍ ساطعٍ للقرآن الكريم واللغة العربية.
وحرص المؤسس ومن جاء بعده من قادة الفلاح أن تكون "لأهالي مكة المكرمة وجدة ومن ولدوا فيها"، وأن يتضمن نظامها الأساسي أن " لا يصرف مال مدارس الفلاح إلا في التعليم." وأصرَّ منذ البداية، ودائماً، على خيريَّتها، وذلك من خلال مجانية التعليم، ومن خلال الرعاية الأبوية السخية لأيتامها وفقرائها ومتفوقيها مادياً ومعنوياً. مع تفردها بالعمل على استقطاب خريجيها معلمين فيها أو موظفين في مؤسسات الأسرة.
وقد أراد مؤسس الفلاح أن تكون عنواناً لـ "اللامعين". فكان "أساتذتها خيرة علماء البلدة .. وعلماء البلاد الأخرى الأفذاذ". الذين قدَّموا مخرجات تعليمية عالية الجودة، فكان منهم "أعلام الوطن" في كل المجالات. ورغم ذلك الامتياز، فإنها كانت حريصة على سلوك "متخرجيها المسالك المعتدلة"، وعلى البعد عن إظهار ما تصنع أو "التشويش" على أحد.
وليس أعظم اليوم من أن يستلهم أهل الفلاح ومحبوها هِمَّة وبصيرة مؤسسها وآبائها الأوائل، فيحفظوا تراثها العظيم، بالتصدي الواعي لتحديات ومستحقات عصرهم كما تصدى الشاب محمد علي زينل وزملاؤه (رحمهم الله) لتحديات ومستحقات عصرهم.
------
كل عبارة أو كلمة وردت بين علامتي تنصيص هنا هي إما من كلام الحاج محمد علي زينل أو أحد قيادات الفلاح الأوائل حرفياً.